تتمتع مصر بتراث غنى ومتنوع من الحرف اليدوية ينبثق من تاريخها العريق بحقباته المختلفة وبعمالة ماهرة خاصة من ال

مصر,عامل,التجارة,الصناعة,العالم,البيئة,اكتشاف

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
السيد خير الله يكتب:  تراث الحرف اليدوية ودعم الاقتصاد المصرى 

السيد خير الله يكتب:  تراث الحرف اليدوية ودعم الاقتصاد المصرى 

تتمتع مصر بتراث غنى ومتنوع من الحرف اليدوية ينبثق من تاريخها العريق بحقباته المختلفة وبعمالة ماهرة، خاصة من النساء، واللاتى يعملن بالفعل فى هذا المجال ويقدرن على الأقل بنحو 2 مليون عامل. كما أن هناك بوضوح نجاحات فردية متميزة فى كافة مجالات الصناعات اليدوية. وكل هذا يعنى أن فى مصر ما يسمح بإنتاج منتجات حرفية منفردة ومتميزة تحقق مكانة عالمية تدعم ليس فقط الصادرات المصرية بل تدعم قطاعات أخرى مثل السياحة، فضلاً عن مساهمتها فى خفض مستوى الفقر.

ولكن هذا لا يحدث وبالتالى السؤال المحورى: لماذا لا تتحول هذه النجاحات الفردية إلى نجاح قطاعى ملموس على المستوى الكلى؟  تحتل الحرف اليدوية والصناعات التقليدية مساحة واسعة من التراث المصرى يعتمد فيها  الصانع على مهاراته الفردية الذهنية واليدوية ، باستخدام الخامات الأولية المتوفرة فى البيئة الطبيعية المحلية أو الخامات الأولية المستوردة . وتنعكس أهمية الحرف والصناعات اليدوية فى أنها تدل على جوانب الهوية الوطنية للدولة المنتجة للحرف والصناعات اليدوية، ويمكن أن تحقق مصر مكاسب مادية رائعة من اهتمامها وتدعيمها للحرف اليدوية ، حيث إن حجم التجارة العالمية للحرف اليدوية والتقليدية يفوق ‏100‏ مليار دولار. وقد أدركت كثير من البلاد أهمية استثمار تراثها الحرفى ، فعملت على إقامة آلاف الورش والمصانع وبالتالى إلى خلق مئات الألوف وربما الملايين من فرص العمل لشبابها، وإلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها فى كل مكان ، ما جعلها تتحول من دول فقيرة، أو دول مستهلكة لما ينتجه غيرها.. من أزياء وأثاث ومفروشات وأدوات منزلية وكافة احتياجات الحياة اليومية ، إلى دول غنية من عائد تصدير منتجاتها الغزيرة من الحرف اليدوية لمختلف أنحاء العالم، إضافة إلى تعميقها للبعد الثقافى كدول ذات إرث حضارى يجعلها تقف باعتداد أمام الدول المتقدمة فى عصر العولمة، بلا ميزة تنافسية غير إبداعها الشعبى ‏.‏ كانت الحرف التقليدية بمثابة الصناعة الوطنية الثقيلة فى مصر، حيث كانت تشكل القوة الإنتاجية الثانية بعد الزراعة، وكان إنتاجها يلبى احتياجات أهل البلاد من الملبس والمعمار وما يضعه من فنون الزخارف الحجرية والخشبية والخزفية والزجاجية، ومن أعمال التطعيم بالعظام والمشغولات النحاسية والفضية والمنسوجات الحريرية والصوفية وأشغال التطريز والخيامية ، وعشرات الحرف الأخرى، هذا إلى جانب المنتجات التى يتم تصديرها إلى البلدان الأخرى من كافة الحرف المتوارثة، وكان لتلك القاعدة الصناعية أحياء بكاملها يعيش فيها الحرفيون تحت نظام دقيق هو نظام الطوائف الحرفية، له قواعده وأصوله وأربابه وشيوخه ،غير أن متغيرات الحياة وعوامل التقدم المادى أدت إلى ضعف أغلب الحرف اليدوية التقليدية فى المدينة والقرية ، وإلى تعرض بعضها للاندثار، ، فلم تعد الأوانى الفخارية والنحاسية والفضية المزينة بأدق الوحدات الزخرفية هى ما يحتاجه الإنسان فى عصر الثلاجة والبلاستيك والألومنيوم و"الاستانلس" ولم تعد السجادة الصوفية التى تنسج على مدى أسابيع متصلة فوق النول اليدوى تناسب عصر النسيج الميكانيكى السريع والمبهر بتقنياته وتصميماته.

وقد انتقل الإنسان من مرحلة التصنيع اليدوى إلى التصنيع الآلى تبعاً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التى اجتاحت العالم ، وأدت إلى تغيرات عميقة فى سلوكيات وحاجيات الأفراد وأنماط الاستهلاك  ، ويعزى ذلك إلى أسباب منها القدرات الإنتاجية العالية للآلات أو إدخال التقنيات الحديثة ، إضافة إلى اكتشاف مواد خام جديدة بديلة واستخدامها كبديل للخامات المحلية ، فضلاً عن زيادة تفضيل بعض المستهلكين للسلع أو المنتجات المصنعة آلياً، خاصةً إذا صاحب ذلك انخفاض فى سعرها وملاءمتها لخدمة احتياجاته بصورة أفضل.

وقد تباينت وجهات النظر حول التعامل مع الصناعات اليدوية، فهناك فئة تنظر إليها من منظور التراث وضرورة الإبقاء عليه دون تجديد أو تعديل . وهناك فئة ثانية ترى أن الأكثر صواباً هو إدماج هذه الحرف فى عجلة الصناعة الحديثة وإهمال ما لا يقبل الإدماج إلى أن يندثر تلقائياً، أما الفئة الثالثة فترى أن الصناعات اليدوية يجب التعامل معها كتراث وطنى تلزم المحافظة عليه ، وكصناعة توفر فرصاً للعمل سواء فى الإنتاج أو التسويق الذى يجب أن يتلاءم مع رغبات المستهلكين بصفة عامة، ومع رغبات بعض الفئات الأخرى ذات الاهتمام باقتناء المنتجات اليدوية بصفة خاصة كالسائحين وغيرهم .